هذا أول يوم دوام لي بعد أول عيد أضحى من دون القذافي، لم أنم جيدا منذ الأمس بسبب السهر للحصول على خدمة انترنت جيدة في منتصف الليل، وهذه الليلة كنت قد سهرت للعمل على أحد التصاميم، ثم أقبل الصباح بنسماته الباردة اللطيفة، فهاهو فصل الشتاء بأمطاره المفعمة بالأمل، الأمل بغد أنظف، أجمل و أنقى.
لست أدري ما دفعني للضغط على ذاك الرابط على الفيس بوك، لم أفهم لماذا صادفني، كرهت ذاك الحساب رغم أنه لا علاقة له أبدا بما حصل... ظهر لي رابط حساب أحد الشخصيات الليبية المحترمة و المناضلة، فقررت الاطلاع عليه، فوجدت شخصا وضع كلاما لفت نظري، إذ قال بأنه قد عرض مقطع فيديو على موقع الفيس بوك الليلة الماضية مع الساعة الحادية عشر ليلا و قام المسؤولون على موقع الفيس بوك بمحيه، فأصرّ ذلك الشخص على رفع المقطع من جديد وهو يترجانا أن نشاهده كي نتعرف على جرم بشار الأسد، لم أتردد أبدا في فتح المقطع للاطلاع عليه، ولكن هنا كانت الصدمة، كان أتباع طاغية سورية يذبحـــــــــــــون المتظاهرين، نعــــــــــــم يذبحونهم.
وهذا هو النص المرفق بذلك الفيديو " قام بنشر هذا الفيديو 500 شخص و بدون احتساب
الذين شاهدوه و اليوم في الساعة 11.30 صباحا قامت شركة الفيس بوك بمحيه و سأقوم بنشره
مرة أخرى لأنه عار علين أحنا العرب ما يحدث يقمون كلاب بشار الأسد بذبح المتظاهرين
أحياء لا حول و لا قوة الا بالله أريد من جميع نشر الفيديو لأنه يستحق النشر و بذلك
نقوم بانهاء هذه مهزلة
--------------------------------------------------- ".
تفرجت عليه و أنا مصدومة، بدأت أرتعد خوفا، ماهذا الجنون، ماذا يريدون بالضبط؟؟ ألا يعرفون أن الدنيا زائلة؟ هل كل هذا لأجل المال و الجاه؟ يا للهول، انتقلت فورا لحسابي و قمت بمشاركة أصدقائي لمقطع الفيديو، لكنني وجدت نفسي قد تأثرت جدا بالصدمة ولم أتمالك نفسي، بكيت ولم أتمكن من إيقاف الدموع، لم أتمكن من الجلوس، صرت أحوم في الغرفة دون وعي مني، وعندما تمالكت نفسي كتبت تعليقا على المقطع الذي أشركت أصدقائي به طالبة منهم ألا يسمحوا لضعاف القلوب برؤيته، لكنني لم أتمكن من التحمل، فقمت بمحيه، خفت أن تكون درة فعلهم مشابهة لما حصل معي.
وبعدها بوقت قصير قررت أن أشغل نفسي بشئ آخر فلم يعد بقدرتي العودة لإتمام التصميم، فتوجهت إلى صفحة دليل الندوات و اللقاءات الثقافية / طرابلس لأطلع على مستجدات الندوات فلفت نظري مقطع آخر عنوانه "علاش؟" قامت بتنفيذه مؤسسة اليقين للثقافة و الإعلام ، فتحت المقطع لأتفرج عليه، و هذا ما كان ينقصني فعلا هذا الصباح، مسك الختام على المشهد السابق بمشهد آخر يدمي القلب، بعض المشاهد من ثورة السابع عشر من فبراير تحت عنوان علاش؟ أي "لماذا؟" فعلا لماذا فعل بنا القذافي كل هذا؟ لماذا يكرهنا؟ أترككم لتشاهدوا هذا المقطع.
و الله لا أعرف ما أقول، أفرح أم أحزن أم أغضب، ماهو الشعور المناسب لما حصل لنا؟ بل ما هو الشعور المناسب لما يحصل في سورية؟ كيف يعقل أن يجن الناس بهذه الطريقة؟ كيف يمكن أن يقسو قلب إنسان و يتحجر إلى هذه الدرجة، يا إلهي رحمتك يا رب العالمين.
حسبي الله و نعـــــم الوكيل في كل طغاة الأرض.... حسبي الله و نعـــم الوكيل.