Wednesday, December 26, 2012

تِمِغضَــــــال


تِمِغـضَــــال، أكلة أمازيغية تطبخ في ذكرى عاشوراء، في اللغة العامية نسميها هريسة و تطبخ حمراء في العادة، لكن نحن الامازيغ نطبخها بيضاء أي بدون طماطم و مرحي "شطّـــة"، لم أطبخها من قبل فهذه الوجبة مقدسة عندنا و نطبخها على أصولها في عاشوراء و إن صدف و طبختها أمي في موعد آخــر فإنها لا تشبه أبدا التي تطبخها في عاشوراء، فاللحم المقدد له نكهة خاصة حينها.

أحببتُ أن أجرب طبخ هذه الأكلة وكانت هذه المرة الأولى في حياتي، أمي لازالت مسافرة و كنت أريد التأكد من الوصفة لكن لم أجد مصدرا أتأكد منه، مع أن أمي شرحت لي الطريقة منذ سنوات لكن من باب الاحتياط أحببت التأكد، خجلت من الاتصال بخالتي فتكتشف بأنني لا أعرف، فحفظت كرامتي و لم أتصل بأحد، لكن صدفة راسلتني أحد المشتركات في أحد مجموعات الفيس بوك الأمازيغية التي أشرف عليها فانتهزت الفرصة و سألتها عن الطريقة فاتضح بأنها تسكن حاليا بكندا بعد أن تزوجت، فتوقعت أن تكون حديثة الزواج لهذا لم تعرف الطريقة، لكنها أخبرتني بأن الطريقة بأن نضع كل شئ فوق بعضه.. و فعلا هذه هي الطريقة.

جربت طبخ الأكلة و عندما وجدت أن النتيجة مرضية جدا أحببت مشاركتكم إياها.

كانت الخطوة الأولى بوضع الشعير بدون قشور و الذي نشتريه جاهزا من المحلات في طنجرة عميقة ذات قاعدة سميكة، ثم نضيف البقوليات، (حذار من إضافة الحلبة فلا علاقة لها بهذه الوجبة أبدا)، قمت بإضافة الحمص المنقع مسبقا المجمد، مع البازلاء المجمدة أيضا وأضفت كمية جيدة من الماء، أوقدت الفرن و خفضت من قوة النار إلى أقل درجة و غطيت الطنجرة وتركتها تطبخ ببطء.



هذا هو أساس هذه الأكلة، أن تكون درجة الحرارة منخفضة مع عدم تحريك محتويات الطنجرة أبـــــــــــــــــــــــداً، حذار من تحريكها ففي هذه الحال ستكون قد ساهمت في حرق قاعدة الطنجرة و تكون قد فشلت في طهي الأكلة.

عندما يبدأ الشعير في النضج أو الانتفاخ قليلا أضيفي قطع طماطم كاملة او قطعيها أنصافاً كبيرة، أنا أضفت ثلاث حبات طماطم، و قطعي حبة بصل وأضيفيها، ثم اللحم وفي العادة في عاشوراء تخصص والدتي قطعة من فخذ الخروف تقددها لكن لا تقليها كما نفعل بالقديد في العادة، هذه القطعة تم تمليحها مع بعض البهارات الخفيفة ثم تم تجفيفها تحت أشعة الشمس، لن أصف لكم روعة نكهتها عندما تطهى مع التمغضال.

كذلك أضفت بعض القديد و أعدت غطاء الطنجرة و تركتها تنضج على نفس قوة النار و أضفت الماء تفاديا لأي خسائر.



لا تضيفي الملح منذ البداية فهو يؤخر عملية نضح اللحم، أضيفيه في النهاية بعد أن ينضج كل شئ، و فيما يخص البهارات في الحقيقة لا أعتقد بأن والدتي تضيف البهارات لهذه الأكلة فلم أرغب في التضحية وتركتها هكذا و كانت النتيجة لذيذة ومرضية للغاية.

عندما ينضج كل شئ يكون شكل الطبخة في الطنجرة كهذه الصورة.


 و تقدم ساخنة .. و صحتين ...


Sunday, December 23, 2012

بَعبُـــــوت تِمــِرفِس - الخبزة المرفوسة!!


عدتُ للبيت بعد قضاء يوم مميز في العمل، و بعد أن أنهيت صلاة المغرب خطرت ببالي فكرة أن أطبخ لوالدي العشاء، لكن ماذا يتوجب علي أن أحضّر له في هذا الشتاء، قلبت الأفكار فأحببت أن أحضر أكلة أمازيغية كمساهمة مني لنشر ثقافتنا بالطريقة الصحيحة بجميع تفاصيلها، فقمت و حضرت المقادير الخاصة بأكلة اسمها "بعبوت تمرفس" أي الخبزة المرفوسة!!

المرفوسة المقصود بها (حسب تفسيري) الخبز الذي تم رفسه مع الزيت رفسا مبرحاً حتى يستغيث :D

المكونات: 
  • دقيق قمــح كامل
  • دقيق أبيض
  • ملـــــح
  • ماء للعجن
الكمية: عينك مقدارك انتي و إياها!!

قمت في البداية باستخدام المنخل لفصل الدقيق عن النخالة، فقد مزجت المكونات الجافة معاً، لكنني لم أكثر من الملح لأجل أبي.




بعد هذه العملية نضع الدقيق بصحن عميق لتسهيل عملية العجن، يصب الماء المعتدل الحرارة و تعجن العجينة جيدا لكي لا يسمح بتكون (كلاكيع)، العجينة ليست سائلة و لا متماسكة، بين الحالتين كما في الصورة.





حسب لهجتي الأمازيغية من نالوت أحب أن اعلمكم بعض الكلمات، لست أعرف إن كان هناك فرق بينها و بين مدن جبل نفوسة الأخرى، لهذا سأكتفي بتعليمكم مصطلحات مدينتي الحبيبة نالوت.

  • دقيق: آرِنّ
  • المــاء: آمِــــنّ
  • يــــد: أُوفِــــسّ
  • المَنخَـــــل: تالُّــــــومت
  • عجـــين: آرِيـتِي
  • خبــز: بَعبُــــوت
  • الطاجين الخاص بهذا النوع من الخبز: حمَّـــاس
  • النار: تِمسِي
  • زيت: دّي
  • طعام: أُوتشُــو
  • لذيذ: يَحلَاو
بعد أن ننتهي من العجن نصب القليل من الماء على العجين نغطيه و نتركه لبعض الوقت لترتاح العجينة.


في هذه الأثناء نجهز الطاجين الذي سنطهو الخبز عليه، و طنجرة لكي نجهز فيها الخبز للأكل، و زيت الزيتون، شاي أحمر خفيف فهو الأفضل لتقديمه مع هذه الأكلة.




بعد أن مرت نصف ساعة على الأقل على راحة العجينة نوقد النار و نرفع من درجة حرارتها بعض الشئ لتسخين الحمّاس، و نجهز أيضا طبقا عميقا نضع به بعض الماء لتسهيل عملية طرح العجين أثناء طهوها، مع استخدام القلاب الخاص بقلي البيض لانتزاع العجينة من الحماس لأنها ستلتصق به.

نضع قطرات من زيت الزيتون على قطعة خبز و ندهن بها بسرعة الحماس، مجرد لمسات تفاديا لالتصاق العجينة، فإن أكثرتي فإن العجينة لن تلتصق حتى تقومي بغسله من جديد للتقليل من نسبة الزيت، مجرد لمسة زيت فقط، و يفضل أن تقومي بمسحها جيدا بعد ذلك للتقليل منها قدر الإمكان.

عندما يسخن الحماس جيدا بللي يديك بالماء الموجود بالصحن الذي جهزته لأجل طهي الخبز ثم خذي غرفة من العجين بيدك و ضعيها على الحماس، و مرري بيدك بشكل دائري حول قطره لكي تنتشر العجينة بتساوٍ.






حسب طريقة والدتي، فهي تقوم بطهي عدة أرغفة و تغلفها لكي تحافظ على دفئها ثم تسكب عليها زيت الزيتون و تقطعها لقطع صغيرة كي يتغلغل الزيت في الخبز، و عندما يبرد الخبز تسخن لأجل التقديم، لكني فضلت أن أقطع الارغفة فورا في الطنجرة فالجو بارد و من المتوقع أن يبرد الخبز قبل أن أقدمه، فاختصرت الخطوات.




 بعد الانتهاء من تجهيز كامل الكمية تقدم دافئة مع الشاي الأحمر الخفيف ...



صحتين .. لا أعرف كيف تقال بالأمازيغية، أعذروني!!


Tuesday, December 4, 2012

جلسة مع صوت المطر ..



اضطررت للعودة متأخرة للبيت بسبب مشكلة حصلت مع أحد الأصدقاء فبقيت متابعة لها حتى اطمأننت على أن المشكلة قد حلت .. سلكت الطريق السريع اختصارا للزمن، و في ذات الوقت بدأت قطرات المطر تتساقط بلطف على زجاج السيارة، تتساقط حينا و تتوقف حينا آخر .. حتى وصلت إلى الكوبري المجاور لمستشفى الدرن حيث الزحام المعتاد، بدأت أقود ببطء و في ذات الوقت استمع لاغانٍ لطيفة لفرقة كايروكي المميزة للغاية و التي تلامس كلماتها و تعابيرهم وجدانك عند استماعك لها .. بعد ذلك بدأت أغاني زياد الرحباني فقد جهزت قرصا به كل ما تتخيل من تقلبات الموسيقى الكلاسيكية و الصاخبة، تماشيا مع الحالة النفسية نهاية كل يوم :D

بدأت الشمس تغرب و السماء ملبدة بالغيوم، و في ذات الوقت كانت تهطل الأمطار بخفة، أقفلت مسجل السيارة لأستمتع بصوت الطبيعة، لقطرات المطر و هي تتساقط بخفة على زجاج سيارتي الأمامي، كان صوتا مريحا للأعصاب عذباً .. و في ذات الوقت كنت مسترخية (لأنها زحمة و الطريق واقفة!!) أتأمل سيلان قطرات الماء على زجاج السيارة الأمامي و ضوء السيارة الأحمر التي تسبقني ينعكس فينشأ تمازج مميز في ال ألوان .. الأزرق و الأحمر، الرمادي و الوردي .. و الأبيض ..

بينما كنت في قمة الاسترخاء أحببت أن استمتع أكثر بصوت المطر فقد كان يهطل بخفة فأحببت أن أسمعه بصوت أعلى و أقوى فتوجهت بأصبعي نحو زر الصوت لأزيد من قوة الصوت و هنا تجمدت لثانية أقول لنفسي (فجوة فيك، على أساس التكنولوجيا مقطعاتك تقطيع و حياتك كلها تطور و هاااااااي هاااااااااي ) ... انتبهت إلى أنني أريد أن أزيد من قوة صوت المطر معتقدة بأنه بإمكاني فعل هذا من خلال زر مذياع السيارة!!

عدت للمنزل و انا أضحك على خيبتي المتنيلة على عيني، و تأكدت بأن وضعي يعلم الله بيه وين ماشي .. و عاشت ليبيا حرة أبية !!

:D