Friday, July 29, 2011

يوم حافل في تاريخ الليبيين ...


لن ينسى أحد من الليبيين هذا اليوم، فقد كان يوما حافلا منذ فجره حتى مغيب شمسه، حافلا بالانتصارات و الشهداء، بدأ بثوار الجبل و هجومهم المباغت على قوات الطاغية المتمركزة في بلدة الغزايا الموجودة أسفل الجبل جهة الشمال، و التي كانت أكثر ما يقلقني في جبل نفوسة، فلم تتوقف تلك القوات المجرمة عن قصف نالوت حبيبتي ولا تركت معبر وازن و الليبيين هناك في حالهم، ولا حتى إخوتنا و جيراننا في تونس، تلك القوة كانت همّنا الشاغل، و اليوم و بتوفيق من الله – عزّ و جلّ- خرج الثوار منذ ساعات الفجر متوكلين على الله وراجين منه التوفيق و النصر، فالنصر من عند الله لكن على المسلم أن يتوكل، و هذا ما حدث بالفعل، فقد تم تحرير بلدة الغزايا و تكويت بعد أن توحد جميع سكان الجبل و الكثير من الثوار ممن أتى من جميع ربوع ليبيا الحبيبة ، التقى الجميع ليزيلوا أحد الخلايا السرطانية التي أوجدها هذا المجرم ، لكن الورم لم يستأصل بعد، فلا زالت خلاياه منتشرة في أكثر من مكان، لكننا و بإذن الله سنزيله و سنعيش بصحة و ببركة الله و بنعمته علينا جميعا أحرارا في وطننا الغالي.
استيقظت متأخرة كالعادة فالأرق كان له دور فعال هذه المدة في إرهاق تفكير الجميع و تدمير الحالة النفسية، المهم أن أول خبر سمعته هو أن الثوار في جبل نفوسة قد قاموا بهذه العملية إذ هجموا على القوات الموجودة في بلدة الغزايا، و المزيد من التفاصيل كانت في نشرات لاحقة، كان الخبر سارا أشعرنا بنشوة وراحة نفسية كبيرة، إذ أن السبب وراء عدم قدرة أهالي نالوت و باقي المدن الموجودة أسفل الجبل من العودة إلى ديارهم هو تلك القوة التي كانت تهدد أمنهم بالصواريخ التي تطلقها بعشوائية مجرمة، و هذا كان سبب قلقنا، فأغلب أهلي و أقاربي في تونس ينتظرون ساعة الفرج و الحمد لله أن ساعة الفرج قد اقتربت، لكن التيار الكهربي انقطع بعد سماعنا لخبر الهجوم على الغزايا ولم يعد إلا بعد خمس ساعات، وفور عودته وصلنا خبر لم يكن في الحسبان إذ أن أحد الشهداء الذين استشهدوا في تلك العملية كان حفيد عمي، الشهيد " يحيى أحمد المقدمي".


الشهيد "يحيى أحمد المقدمي"

و بعدها في خبر عاجل بأن هناك تحقيقا سيجرى مع اللواء " عبد الفتاح يونس" ، أصابنا الاستغراب و لم نفهم ما يحدث ولم تكن هناك أي مصادر أو أية أخبار، لكننا توجهنا لبيت عمي لكي نجتمع بعد خبر استشهاد يحيى، و عدنا مع موعد المغيب و عندها سمعنا الخبر الصاعق، استشهاد اللواء " عبد الفتاح يونس" ورفيقيه في عملية اغتيال خبيثة ، وهنا نسينا جميع الانتصارات التي حصلت اليوم و بقي خبر الاغتيال المسيطر على الوضع، وما أشعرنا بالمرارة و الألم خروج بعض الأغبياء في الشوارع يحتفلون و يركبون السيارات و يطلق بعضهم الرصاص احتفالا بهذا الخبر و انقطعت الكهرباء مرة أخرى، كان الموقف مؤلما للغاية، لكن و أثناء احتفالهم كانت طائرات التحالف تحلق في السماء ، دعوت الله أن ينتقم للواء بضربات موجعة لهم في طرابلس، لكن الطائرة حلقت و اختفت، لكن عادت بعد نصف ساعة تقريبا ، فقلت أمام أخواتي " إن شاء الله يااا رب يضربوا توة" و ما إن أنهيت دعائي حتى سمعنا ضربتين متتاليتين ، صرخت أختي " الله أكبر" ، و ركضنا مسرعات نحو السطح علّنا نطرب آذاننا بانفجار آخر، و فعلا بعد دقائق حدث انفجاران آخران، لكننا لاحظنا بأن الشارع هادئ جدا و أولاد جيراننا اختفوا تماما، يبدوا أنهم قد ذهبوا للاحتفال بعد أن سكنوا الفترة الأخيرة ولم نعد نسمع لهم همسا، المهم بأن هذان الانفجاران أشفيا غليلي ، نزلت من السطح و عدت للجلوس مع العائلة، و بينما كانوا يتبادلون أطراف الحديث ذكرت لهم "حمزة"، ما حدث اليوم يشبه بالضبط ما حدث مع سيد الشهداء "حمزة بن عبد المطلب" إذ غدرت به " هند بنت عتبة" و كلفت " وحشي" بقتله، لكن المسلمين لم يستسلموا و ثأروا له و دخلوا "مكة المكرمة" فاتحين دون أن يريقوا قطرة دم واحدة، هذا ما أرجو و أتمنى، فما حدث في ليبيا مطابق تماما لما حدث مع رسولنا الكريم – صلى الله عليه و سلم- و قتاله ضد الكفار لإعلاء الحق و كلمة الله و حفظ كرامة الإنسان و حقوقه.



الساعة الآن الواحدة و عشر دقائق منتصف الليل، أكتب هذه المذكرات و أنا استمع لصوت ضربات حلف شمال الأطلسي غير أنها بعيدة لكنني أسمعها، سمعت حتى الآن أكثر من ست ضربات، يعني أن عدد الضربات التي سمعتها اليوم قد تجاوز العشر ضربات، هذا إن قمنا بعدّ ما سمعته أنا فقط، بصفتي بعيدة جدا عن مركز الأحداث فأغلب الضربات تحدث في مركز المدينة و أنا أُعتبر بعيدة بعض الشئ عنه.
هذا ما تمكنت من كتابته اليوم سأحاول أن أضيف المزيد في مقالات قادمة بإذن الله، دعواتكم أخوتنا في الإسلام...