لستُ أعرف ما دفعني للتوجه نحو ذاك المحل، فقد مضت فترة طويلة على أخر مرة اشتريت منه غرضاً .. إنه محل المواد الغذائية الموجود بشارعنا، أعتبره الغير مفضل لدي فأسعاره كانت أغلى من باقي المحلات مع أن البضاعة هي ذاتها ..
سعيدة أن الله وجهّني للشراء منه اليوم، فقد كنت المحامي عن جاري "العربي".
سعيدة أن الله وجهّني للشراء منه اليوم، فقد كنت المحامي عن جاري "العربي".
ركنتُ سيارتي و اشتريت بعض الخضار، ثم خطر ببالي أن أشتري عصيراً فتقدمت نحو المحل ثم تراجعت لألغي الفكرة، لكن فجأة غيرت رأيي و توجهت نحو المحل، دخلت فلفت نظري رجل كان قبالتي يفحص المعلبات والأغذية الموجودة بالمحل، لم أكترث و أكملت بحثي عن ما أريد، عندما توجهت نحو الجهة الأخرى التقيت بذاك الرجل مرة أخرى، ومرة أخرى لم أكترث (أساساً ما عندي ما ندير هو كل شوية ينط في وجهي!!) أكملت اختياري لما أريد و توجهت نحو البائع (ابن جيراننا بحكم أنه وجهه مألوف بس مش عارفة وين يسكن) ولاحظت وجود عدة علب أمامه ..
أثناء حصره لما اشتريت كان ذاك الشخص يسأله كل مرة حول أحد الأغذية المعلبة، فرفع علبة بسكويت صفراء أمام البائع (شاب صغير خجول) و سأله:
أثناء حصره لما اشتريت كان ذاك الشخص يسأله كل مرة حول أحد الأغذية المعلبة، فرفع علبة بسكويت صفراء أمام البائع (شاب صغير خجول) و سأله:
الزبون: هذا تركي؟
البائع: بخجل أومأ برأسه على أنه لا يعرف.
فوضع الزبون العلبة و أخذ علبة أخرى مرسوم عليه بسكوت عليه شوكولا و بداخله كريما، و سأل البائع مرة أخرى بطريقة أو بالأحرى بملامح كان من الواضح فيها رغبته في أن يستفز البائع، سأله:
الزبون: هذا بشكوتي؟!
البائع: نظر إلى الرجل نظرة عادية و كأنه يقول في سره (يا شينك حصلة و خلاص)!!
في تلك الأثناء كنت قد سددت ثمن فاتورتي، شكرت البائع و فجأة يسأل الزبون البائع في حركة علنية كان الغرض منها إحراجه أمام المتواجدين.
الزبون: مش عارف أني كيف عندك بضاعة مش عارف عنها شئ.
و كان ينظر إلي متوقعاً أن أضحك على البائع أو أن أشاركه استهزائه، كان ينتظر مني ردًّا، فكان ردي..
هدى: نقولك ليش بس متضايقش؟
الزبون: قولي.
هدى: كل شئ مكتوب على العلبة تقدر تقرا!!
الزبون: آآآآآه أنـــــي هكي زعلت.
و فجأة وفي تصرّف فجائي بدأ يتحدث بالأمازيغية!!
لستُ أعرف السبب، هل عرف بأنني أمازيغية فغير اللغة فجأة أم أنه يحاول (بطريقة غبية جدا لا تمت للعقل بصلة بالمطالبة بأن تكون الأمازيغية لغة رسمية بهذه الأسلوب الجاهل) .. كان ردي عليه عند تغييره للغة الحوار.
هدى: لو سمحت تكلم بالعربي لأنه فيه طرف ثالث معنا في النقاش.
البائع في خجل ممزوج بالسعادة أن هناك من دافع عنه: صحيتي بارك الله فيك.
الزبون (و قد رفع من نبرة صوته): أني نبي نتكلم أمازيغي حر باهي، و أصلا العرب نحتقرهم، هكي أنا نحتقرهم!!
علامات التعجب كلها كانت فوق رأسي و رغبة جامحة في ضرب هذا الأخرق و صفعه لوقاحته، فرددت عليه.
هدى: لأخــــذ العلم أعز أصدقائي و أفضلهم كلهم عرب..
الزبون: قعد يلعلع و يخرّف.
التفتت هدى نحو البائع و قالت: متعطيش أهمية هذا يمثل نفسه بس، ولا يمثل الأمازيغ.
ابتسم البائع وكان متفقا معي في هذا بوضوح، و توجهت نحو الباب بينما كنت أقول جملتي السابقة، فناداني الزبون قائلا: شن قلتي؟!!
فأجبته: قلت للبائع أنت لا تمثل إلا نفسك ولا تمثل الأمازيغ.
و خرجت من المحل (والشياطين بتتنطط قدام وشي) اعتراني الغضب، مخلوق مثل هذا يهيننا و يدعي أنه شئ ليس له مثيل ليتجرأ و يستحقر الناس!! أيدّعي هذا الاسلام؟؟ هل هذه أخلاق الإسلام يا ترى!!
و بماذا اعتقد أنه أفضل من ذاك العربي؟ في الوقاحة مثلا؟ أو في الأخلاق و التعالي الذين كانا واضحين جدا في تصرفاته.
كان من الواضح أن البائع لم يكمل دراسته الثانوية و أنه من الناس التي تعمل لأجل العيش و قوت يومها، مهذب محترم و خجول..
في رأيكم شاب مثله ولنفرض أنه لم يكن يهتم بقضية الأمازيغ أو أنه ملمّ وضدها، في اعتقادكم، موقف كهذا كيف ستكون ردة فعله؟؟ هل سيحبّنا؟ هل سيفكر في احترامنا أصلا؟!! أم أنه سيكرهنا لأن العينة التي اضطر للتعامل معها كانت أبعد ما يكون عن ما بناها أجدادنا من أخلاق حميدة سطّرت تاريخ هذه الحضارة..
في رأيكم شاب مثله ولنفرض أنه لم يكن يهتم بقضية الأمازيغ أو أنه ملمّ وضدها، في اعتقادكم، موقف كهذا كيف ستكون ردة فعله؟؟ هل سيحبّنا؟ هل سيفكر في احترامنا أصلا؟!! أم أنه سيكرهنا لأن العينة التي اضطر للتعامل معها كانت أبعد ما يكون عن ما بناها أجدادنا من أخلاق حميدة سطّرت تاريخ هذه الحضارة..
لا أقصد بمقالتي هذه أن أسوّق لشئ، لكن كلنا بشر ولم يفضل الله أحداً على الآخر، و لأخذ العلم فقط، هذه الأرض ليست ملكنا، فهي لله عز و جل، ونحن نعيش في ملك الله، ولا حق لأحد أن يتجمل على الآخر في شئ، جميعنا سواسية وجميعنا لنا نفس الحقوق وكذلك الواجبات.
بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"
صدق الله العظيم
نعم أنا ليبية أمازيغية الأصل فخورة جدا بأن أعز أصدقائي من مختلف مدن ليبيا ومن العرب أيضاً...
و هذه قائمة بالمدن التي ينتمي لها أعز الأصدقاء على قلبي.. فليبيا واحدة أمازيغاً و عرب ولن يتجرأ أي مخلوق أن يفسد هذه العلاقة ..
(بــــــــدر - الصيعان) صديقتي العزيزة جدا ريما
(بنغـــازي) تيمور - مالك - خالي ابراهيم - فراس
(الرجبــان) هيام
(درنـــــــه) محمد - موفق
(الرقيعات) عبد الرؤوف - عبد الرزاق
(اجــدابيا) عمي عبد الله
(مصــراتة) محمد - مريم
(صبراتـــه) حـــازم
(طرابلس) حسين - مهند - أبو بكر - جمانة
(قماطة - قصر الأخيار) أميرة - وليد
(سبهـــه) سمية
(تاجــوراء) منال
(ترهـــونة) حنان - نجوى
(غريـــــان) ســــراج
مصطلح مخلوق: أستخدم هذه الكلمة لوصف كل من تجرد من عقله و إنسانيته.
2 comments:
السﻻم عليكم
انا من الطوارق اقول لك ﻻيمكن انصاف العرب بالتحامل على اﻻمازيغ او العكس ماحدث من الشخص الذي ذكرته ﻻيمثل اﻻ ذلك الشخص ولو اخذنا بنفس القياس ماهي نسبة مساهمة اﻻمازيغ في عدم استقرار ليبيا نجد انها ﻻتتجاوز صفر في المائة لماذا ﻻنهم من اجل ليبيا رضوا ان يداسو باﻻقدام ومستعدين للتضحية من اجل ليبيا وسكانها كلهم بغض النظر عن اصولهم فﻻ داعي للتقليل من قيمة اناس لوﻻ اخﻻقهم مابقوا الى اﻻن اقصد اﻻمازيغ والسﻻم عليكم ورحمة الله وبركاته
مرحبا أخي سليمان ..
انا معك فيما قلته و كما وضحت للأمازيغي و العربي في الموقف أنني وضحته انه لا يمثل إلا نفسه .. و كذلك الحال بالنسبة للعرب و كل إنسان .. فكل يمثل نفسه ، لكن هذا لا يمنع أن نروي ما يحصل ،،، و القصة ليس تقليلا من شأن الأمازيغ، بل هي رواية لما حصل بالفعل، فلو حدث الامر من قبل عربي تجاه امازيغي لكان الأمر طبيعيا!!
من المنصف أن نوضح ميزات و عيوب الطرفين و أعتقد بأن كلا الطفين غير مقصر في هذا تجاه الآخر ...
و في النهاية كل ايد تمسح على وجهها و الامازيغ مسؤول عن تصرفه .. فهو في جميع الاحوال يحتسب أمازيغيا و هذه حقيقة لا يمكن نكرانها ...
تحياتي..
Post a Comment