لكل إنسان أمنيات بسيطة و أخرى كبيرة و غيرها من الأماني التي من المستحيل تحقيقها بالنسبة له، ولكل منا أمنيات عبيطة أيضا، فمن أحد أمنياتي البسيطة و التي من الممكن أن تعتبروها عادية جدا ويمكن تحقيقها ببساطة، أن أقف على حافة جبل و أصرخ أصرخ أصرخ بكل ما أوتيت من قوة حتى أخرج كل التراكمات المختزنة في داخلي، ولكن هل تصدقون بأن تحقيقها صعب جدا، فمنذ سنتين لم أذهب إلى نالوت، وحتى إن ذهبت فقد مضت سنوات منذ آخر مرة ذهبنا فيها إلى حافة الجبل و استمتعنا بجلسة وقت الغروب، ولنفرض بأننا ذهبنا، فانا أريد أن أكون لوحدي و أصرخ كما أشاء دون أن يحاسبني أحد على حجم المخزون الذي اختزنته طوال سنوات عمري ، فلكل إنسان مخزونه الخاص من الغضب و الحزن و التعاسة و الكراهية و الكبت و الضغط و غيرها الكثير من المشاعر التي يشعر بها أي إنسان طبيعي!
ولكن و الحمد لله هناك بارقة أمل، فثورة السابع عشر من فبراير ستساهم في تحقيق حلمي قريبا، ولن أضطر للابتعاد عن الناس للتفريج عما يضايقني وما أختزن من مشاعر، بل أصبح بإمكاني مشاركة الشعب كاملا هذا الشعور، شعور الخلاص، لن أتمكن من وصفه فلم أجربه بعد ، فلا زلت في انتظار اللحظة المناسبة للخروج، فالوضع لا يزال مختلفا هنا في طرابلس، لا زالت طرابلس أسيرة و رهينة لدى هذا المجرم.
اليوم خرجت كالعادة للذهاب إلى العيادة ، مع حوالي الساعة الثالثة ظهرا، و كنت أتفرج على وجوه الناس و كيف ارتسمت الكآبة على ملامحهم، لا وجود للكهرباء مع فتح البعض لمحالهم التجارية، علما بأنها شبه خاوية من البضائع، و أغلبهم مجبر على هذا، هناك البعض ممن رأيتهم ارتسمت على وجوههم نفس ملامح الخبث أو الشر أو عدم الشعور بالأزمة التي نعانيها، وهناك من استغل الفرصة و أصبح يبيع لترات البنزين على قارعة الطريق، الشوارع متسخة للغاية، السيارات قليلة و تكاد تصبح معدومة، أغلب المحال التجارية في قرقارش و حي الأندلس مقفلة، و الخرابيش المقرفة تملأ الأسوار، حتى المساجد لم تسلم منها، لا أصدق بأنني سأصبح في يوم من الأيام جزءا من قصة مأساوية كهذه، لم أتخيل يوما بأن بلدي ستصل إلى هذه المرحلة أو حتى أفضل منها، هل يعقل أن يعاني آلاف الناس و يُشرد و يُهجّر عشرات الألوف و يستشهد و يموت و يقتل و يعدم الألاف غيرهم و يبحث البعض الآخر عن ملجأ لأنفسهم ليتعالجوا فيه، يا للهول... عندما أفكر بأن الليبيين تشردوا و انتشروا في بقاع الأرض خلال هذه الستة أشهر بسبب رجل واحد أعمى الله بصيرته و أغراه الشيطان حتى كاد يتبرأ منه أتوقف لأبحث عن وصف لما يحدث أو أبحث عن سبب له فلا أجد !!!!! لا يوجد ما يفسر ما يحصل معنا، لماذا يفعل بنا هذا الرجل ما يفعل ؟؟؟؟؟؟ لماذا يكرهنا؟؟؟؟؟؟ لماذا؟!
No comments:
Post a Comment